روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | من الأحق.. برعاية الوالدين؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات تربوية واجتماعية > من الأحق.. برعاية الوالدين؟


  من الأحق.. برعاية الوالدين؟
     عدد مرات المشاهدة: 8722        عدد مرات الإرسال: 0

السلام عليكم. استشارتي تخص موضوع بر الوالدين اعيش مع اهل زوجي مند سنتين و هو عاطل عن العمل بسبب مشروعه و حلم حياته "الهجرة" الدى ظل يعمل عليه سبع سنوات الى ان تم قبول ملفه و حان وقت السفر.

اهله يعني والديه وأخوته كانوا على علم بمشروعه ولم يبدوا اي معارضة. على عكس مافعلت . فمند اليوم الاول و انا ارفض الفكرة وتقبلتها على مضض لانها حلمه ووسيلة لتحسين احوالناالمادية.

المشكلة في الامر ان امه مرضت و صار لابد ان يعتنى بها و بوالده. فاراد توكيل الامر الي فرفضت تحمل هده المسؤولية بناء على ما عشته معهم. ولاني ساكون وحدي. وليس هناك من يساعدني لا من اهله ولا من اهلي.

ثم انه لاقدر الله ان حدث مكروه لاحدهما فسابقى انا وحدي الملامة. فطلب من اخته التي يحبها والديها اكثر من اي شخص اخر. فرفضت الاعتناء بهما فترة غيابه. رغم انها ميسورة الحال ومعها زوجها و اخوها.

ليس مثلي. يد واحدة استشارتى هي من الاجدر برعاية الوالدين في حالي الابنة ام زوجة الابن؟ وهل من العقوق ان يترك الابن والديه مع اخته فترة غيابه؟

أختي الحبيبة :إنني أتفهم الصراع الذي يدور في داخلك بشأن .

رعاية والدي زوجك ، وبنفس الوقت أستشعر وسوسة الشيطان لك بأن رعايتهما تقع على عاتق البنت بعد سفر أخيها (زوجك ) خاصة في ظل الظروف التي ذكرتيها بعدم تواجد أحدا بجانبك يشد أزرك في حال قيامك برعايتهما وتخوفك من حصول أي مكروه لهما. وكأنك نسيت الواحد الأحد القهار الجبار الذي سيكون معك على الدوام وسيمنحك القوة والأجر الكبير في حال قيامك برعايتهما ليس فقط لأنهما والدىّ زوجك ولكنهما الآن بمثابة والديك ، وقد أهداك الله فرصة عظيمة للبر بهما والفوز بالجنة والتوفيق في حياتك.

ويذكر العلماء أن خدمة الوالدين عند الحاجة لكبر أو مرض ونحوهما واجبة على أولادهما الذكور والإناث معاً وبالتالي، فإذا لم يوجد لهذين الوالدين إلا ابن متزوج وبنت متزوجة، فالواجب على الابن والبنت رعاية والديهما وخدمتهما مباشرة أو بأجرة ـ إن حصلت الكفاية بذلك ـ فهذا حق للوالدين عليهما، ففي الموسوعة الفقهية: أما خدمة الولد لوالده، أواستخدام الأب لولده فجائز بلا خلاف، بل إن ذلك من البر المأمور به شرعاً، ويكون واجباً على الولد خدمة أو إخدام والده عند الحاجة.

ويذكر الفقهاء أن حق الزوج على الزوجة آكد من حق الوالد، وبالتالي، فإذا لم يسمح الزوج للزوجة بالخدمة، فإنها تخدم والدها باستئجار خادم أو المشاركة في أجرته، أما زوجة الابن فلا يجب عليهما خدمة والدي زوجها، ومن تطوعت بذلك نالت الأجر والثواب، وكذلك الأمر بالنسبة لزوج البنت . ولها الثواب العظيم الذي ينتظرها في الدنيا والحياة الآخرة .
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أحب أن يمد الله في عمره، ويزيد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه) .

وأذكرك أخيتي أن بر الوالدين يعتبر من أعظم أنواع البر الأعمال بما فيها الجهاد في سبيل الله، وذلك في آيات كثيرة منها:

(وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) (النساء) (آية:36) فانظر كيف عطف الله تعالى بر الوالدين على عبادته لتعرف مقام البر ومكانته عنده سبحانه، فما أشد غفلتنا عن هذه العبادة العظيمة فليس شيئا أعظم بعد التوحيد إلا القيام بحق الوالدين.

وقال أيضا: ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ، وفصاله في عامين، أن اشكر لي ولوالديك) لقمان (آية:14) ، ثم عطف سبحانه وتعالى شكر الوالدين على شكر الله، يقول ابن عباس رضي عنهما: فمن شكر الله ولم يشكر والديه لم يقبل منه، بل إن رضا الله تعالى مربوط برضا الوالدين فإن الله تعالى لا يرضى عن العبد حتى يرضى والداه عنه.

قال سبحانه: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه، وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما، وقل لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) الإسراء الآية 23 ـ 24، إنه دين الإحسان ورد الجميل ، فالوالدان بابان للجنة مفتوحان فهذا إياس ابن معاوية رحمه الله لما ماتت أمه بكى عند موتها فقيل له: كيف تبكي وأنت الإمام؟ فقال رحمه الله: والله إني لأعلم أن الموت حق ولكن كان لي للجنة بابان مفتوحان فأغلق أحدهما، أغلق علي باب من أبواب الجنة.

قال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا، وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) العنكبوت 8، فطاعة الوالدين واجبة في كل الأحوال وعلى جميع البشر إلا إذا أمرا بالكفر بالله أو معصية ، فتسقط طاعتهما ويجوز عصيانهما ومخالفة أمرهما، فلا طاعة لمخلوق في معصية خالق.

، والحاجة تظهر بوضوح في سن الشيخوخة والضعف، والأمر بالإحسان إلى الوالدين عام مطلق، يندرج تحته ما يرضي الولد وما لا يرضيه من غير احتجاج ولا جدال ولا مناقشة، وهذا أمر هام جدا يجب الانتباه إليه، لأن كثيرا من الأبناء يغفلون عنه، إذ يحسبون أن البر فيما يعجبهم ويوافق رغباتهم، والحقيقة على خلاف ذلك وعكسه، فالبر لا يكون إلا فيما يخالف هوى الابن وميوله غالبا، ولو كان فيما يوافق هواه لم يسمى بارا.

أخيتي : لا تنظري إلى التعب والجهد الذي ستبذلينه وأنت تبرين والدىّ زوجك، ولكن إنظري إلى النعيم الذي ينتظرك ، وعظمة من توجهت له بالطاعة والعبادة من خلال رعايتك لهما ثم أن ما تضعينه في حسابك الآن من حسنات سيخدمك في يوم ما حين تدخلين مرحلة الشيخوخة وسيهئ لك الله من يخدمك ويقوم بواجبك بإذن الله تعالى .

وأرى أن تتفاهمي مع زوجك وأخته ما دامت حالتها المادية جيدة لتوفر خادمة تساعدك في خدمتهما فهذا أقل شئ يمكن أن تقدمه لهما ما دامت غير قادرة على اسضافتهما في بيتها ، وإذا رفضت فلا تحزني ، بل استبشري فلعل الله أراد اختبار مدى صدق ايمانك وبرك بهما . وتذكري قول عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله.

وفقك الله لما فيه الخير والصلاح .

الكاتب: د. فريدة بنت عبدالوهاب آل مشرف

المصدر: موقع المستشار